الاثنين، 30 مارس 2020

اصدقاء Waddgod




هذه لزملاء والزميلات وكل من قام بطلب وضع طرق لارسال الهدايا لي شخصيا هناك عدة طرق تحفظ خصوصيتي وبذات الوقت تحقق مطلبكم وكلها مقبولة.

الطريقة الاولى:
رسمة أو postcard مع رسالة لي ، خذو صورة لها وارسلوها إلى الرسائل الخاصة على تويتر، أنا سأقوم بطباعتها ووضعها في مكان ما بمنزلي. هنا تستطيعون الابداع فقد تكون صورة من مدينتكم أو postcard من البلد الذي تزورنه.

الطريقة الثانية:

هذه الجمعيات الخيرية التي تروق لي وتتعلق بالحيوانات:
- the Jane Goodall Institute وتتعلق بالشمبانزي ويمكن التبرع من خلال هذا الرابط هنا
- The Orangutan Project   تستطيع من خلال هذا الموقع التبرع أو تبني إنسان الغاب هنا

الطريقة الثالثة:
وهذه تخص الزملاء الذين يريدون إرسال مبالغ قمت بعمل بيتكوين جديدة هنا:
bc1qgq89ucan4sfffpvxvpxagcyr9uhtrlsfcgdter
إذا كنت تعتقد أن هناك خطورة لدي محفظة اخرى استطيع ان اعطيك لكن على الخاص كونها قديمة و استخدمها.

تستطيع شراء البتكوين بطرق تحمي هويتك وبشكل مجهول تماما:
- الموقع الفنلندي https://localbitcoins.com/ يمكنك من خلاله شراء البتكوين
- تستطيع ان تؤسس محفظتك من هذا الموقع https://electrum.org/#home ويقوم الموقع بحماية هويتك ومن خلال هذه المحفظة تستطيع الارسال الى عنوان المحفظة اعلاه.


الطريقة الرابعة:

بنسبة لمن يريد أن يرسل عن طريق ko-fi حتى الآن لا استطيع قبول حساب فيه بسبب عدم تجاوب فريقهم مع اسئلتي التقنية بخصوص خصوصية بيانات المستخدم.

الاثنين، 10 يونيو 2019

الموت كفناء


الموت كفناء

"الموت والحياة" المصدر هنا

لو كان هناك استبيان لشعب السعودي حول الحياة بعد الممات لكانت النتيجة ان الأغلبية تعتقد أن هناك نوع من الحياة وفرصة في النجاة من الفناء.  وفي الدين الإسلامي يتم وصف شيء يغادر الجسد بالنفس والروح بشكل متبادل مع إعتبار أن مصطلح "الروح" هو المصطلح الأصل أو الأساس والنفس يطلق مؤقتا على تواجدها في الجسد. على أيت حال، فكل هذه التعاريف بمختلف المذاهب الإسلامية تنص على أشياء محددة مشتركة:
       (أ)     أن الروح/النفس فيها شيء من الوعي (العقل)
        (ب)   هذا الوعي، هو وعي شخصي، أي وعيي أنا كمفكر وواعي بذاتي
وهذا الاستنتاج يمكن الوصول إليه ليس فقط بشكل مباشر من الآيات والاحاديث كـ (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) المائدة و (وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) الفرقان (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) سورة الفجر.  بل بشكل استقرائي كحديث (المَيِّتُ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَالِحًا..)  و (نَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) سورة غافر وهذه الدلائل تشير إلى أن الوعي وعي شخصي، ذو ذاكرة، يعاقب عليها المرء أو يكُرم إلى ما يسمى بيوم البعث. أنا عندما استقيظت اليوم أفكر بهذا الموضوع استيقظت وأنا نفس الشخص، بنفس المعتقدات والأفكار والأحلام و والذكريات والصفات الشخصية لكنني استيقظت بجسدي المادي. الادعاء الديني هو أن هذا الاستيقاظ سيحدث بعد الموت لكن بدون الجسد المادي ولذلك يطلقون على الموت النومة الصغرى. إذاً صفة الإستمرارية هي الصفة الأساسية لهذه الفرضية، أي أن الفرد في حياته بعد الممات سيكون لديه نفس الصفات الشخصية والذكريات والأعمال الماضية ( بدون هذا، لا معنى لمفهوم العقوبة والجزاء بعد الممات).
هدف هذه الوريقة هي تأكيد الأدلة المادية على أن الممات البيولوجي يعني نهاية الحياة العقلية والشخصية للفرد  أي الفناء ويمكن كتابتها على هذا الشكل:
      (أ‌)      القدرات البشرية الإدراكية، ذكرياتهم، شخصياتهم، عواطفهم، وأفكارهم ووعيهم بذاتهم (متغير Y) تعتمد على الدماغ لكي توجد (الدماغ متغير X)
     (ب‌)   الدماغ لا ينجو من الموت.
     (ت‌)  ولذلك، الوعي الذاتي /العقل (بالمسمى الشعبي والديني الروح/النفس) لا تنجو من موت الجسد.
لا أعرف أحد يشكك في (ب) ولا أظن أن من يشكك فيه يستحق أن نلتفت له أو نعطيه جزء من وقتنا لكن ماذا عن (أ)؟ هناك من شكك في العلاقة بين الدماغ كمتغير مستقل و القدرات الإدراكية/الشخصية/العواطف..كمتغير تابع.
ما نوع الأدلة التي يمكن أن تكون مقبولة لدعم (أ)؟ بدون شك هي الأدلة العلمية التي نعتمد عليها لإنقاذ حياة الناس أو لحل امراض النظام العصبي أو فهم الاعراض المرضية فهم علمياً. لدينا عقود من الأدلة التي تأتي من مرضى السكتة الدماغية و حوادث السيارات ومن التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني والمجلات الطبية والبيولوجية المتخصصة في علوم الأعصاب التي تظهر أن حادث يؤثر في جزء من الدماغ سيؤدي إلى التأثير بقدرة إدراكية أو حالة عقلية. فلو أضررت بجزء من دماغك لوجدت أنك فقدت قدرة أو فكر أو قابلية لنوع من العاطفة. دعونا نستعرض بعض الأمراض التي تؤكد ما نشير إليه: متلازمة أنطون – بابنسكي والمصابين بها يصرون على أنهم يستطيعون الرؤية رغم أنهم لا يستطيعون رؤية أي شيء بسبب اصابتهم بالعمى القشري (ضرر إما بسبب حادث أو خلقاً في منطقة الفص القذالي[i]). ماذا عن وهم كابغرا والمصابين به لديهم إعتقاد أن شخص أو حيوان أليف يعرفونه تم استبداله بشخص محتال مطابق بهم بالشكل الخارجي وهذا سببه اذى في أجزاء من الدماغ. [ii]
متلازمة فريجولي المصابين به يعتقدون أو مجموعة من الأشخاص أو الأشياء من حولهم هم شخص واحد يتنكر فيظهر كاشخاص اخرين[iii]. بل أن ضرر في قنوات التواصل بين منطقة المغزلية الشكل و الجهاز النطاقي يؤدي إلى إعتقادك بأنك ميت (متلازمة وهم كوتار). الهدف من استعراض كل هذه الأمراض والاضطرابات العقلية هي إلى تأكيد أننا استطعنا بعصرنا هذا وضع خرائط الدماغ لهذه الاضطرابات التي تؤثر على الصفات الشخصية التي يطلق عليه بالإعتقاد الشعبي النفس أو الروح أو العقل. ماذا عن كيمياء الدماغ؟ ماذا يحصل عندما تشرب القهوة أو الخمر أو الادوية المهلوسة ألا يتم تعديل طريقة تفكيرك أو كيف ترى العالم أو سلوكك؟ بتالي على ما يطلق عليه شعبيا النفس أو الروح. مضادات الاكتئاب تؤثر على مشاعر الأفراد المصابين بالاكتئاب. إذاً، "الروح" أو "النفس" لا يحتمل أن توجد خارج إطار الدماغ والجسد. في مملكة الحيوان، تلك الصفات التي نشير إليها كروح أو نفس أو تميز الإنسان كالتفكير والقدرة على حل المشكلات و اظهار المشاعر ترتبط مع تقدم النظام العصبي. الغراب يستطيع أن يحل بعض المشكلات التي تواجه بطريقة ذكية ( كاستخدام الطرق السريعة لتحطيم الطعام الصلب) والقرود تستطيع استخدام الأدوات. أهداف هذا السرد كتالي:
   (أ)       تلك الصفات التي تتصف بها النفس أو الروح أو العقل مرتبطة إرتباطا كلياً بالدماغ والجسد أو الوجود البيولوجي الحي.
  (ب)    تلك الصفات ليست شيء مميز للإنسان فقط، بل تتواجد في مملكة الحيوان وتتواجد الالاف الادلة على ارتباط ما يطلق عليه (النفس/الروح/العقل) بالدماغ.
  (ت)   إشكالية ثالثة لمن يعتقد بالأراوح  ماذا عن الكائنات التي لا يوجد لها دماغ أو لديها نظام عصبي بسيط، هل تفتقر إلى ما يمسمى شعبيا (الروح أو النفس) أو هي رجس من خلق الشيطان؟

ماذا عن إجماع الأغلبية على الإعتقاد بوجود روح، على مر تاريخنا القديم؟ رغم أن هذا ليس دقيقاً فإنكار البعث والروح كان متواجد في بعض الأرياف والقرى السعودية. إلا أنني أود أن الفت نظركم إلى ما قدمه Justin Barrett عالم النفس وتبناه علم النفس التطوري بمصطلح Hyperactive Agent Detection Device التي تشير إلى أن البشر طوروا غريزة بيولوجية لاكتشاف فاعل عاقل كاستراتيجية بقاء. في الأحوال التي يكون فيها الحيوان غير متأكد من وجود فاعل عاقل ( كمفترس أو عدو) فهناك منفعة بقائية في افتراض وجوده حتى يتم اخذ الحيطة. يمكنك أن تلاحظ هذا إذا كنت تعيش في بيئة غنية بيولوجية مثلا كيف يتصرف الغزال اذا سمع صوت انكسار غصن الأشجار ويمكنك ملاحظة هذا في الناس من حولك وبنفسك كيف تتصرف اذا سمعت صوت في الدور الأول لمنزلك؟ مثلا لنفرض انك كنت تعرف ان هناك احتمال سقوط نجف المنزل لكنك لا تعرف متى أو إذا كان فعلا سيحدث ثم حدث هذا اثناء نومك على الأرجح انك ستفترض وجود فاعل عاقل وستاخذ حيطك في استكشاف المكان. بعض علماء النس التطوري يعتقدون إن الإيمان بوجود إله أو روح هو بذاته نتاج ثانوي لهذه الغريزة البيولوجية[iv]  التي يكون خطاءها اكثر من صحتها إلا ان لها منفعة بيولوجية ولذلك تستمر فهناك منفعة من ان تخطأ 9 من 10 مرات في الخلط بين سقوط صخرة والأسد الجبلي أو الافعى أو ..لأن هذا يساعد في بقاءك حياً فعدم الخطأ هنا قد يعني موتك. أخيرا أود  ان اشير الى ضرورة التفرقة بين الإمكانية والاحتمال. الإمكان من السهل رميه على الأشياء لكن من الصعب الاعتقاد به و الدفاع عنه بالأدلة اما الاحتمال فيرتبط بالأدلة. مثلا ممكن أن الهولوكوست لم تحدث لكننا نعرف يقينا ان احتمالية انها حدثت أقوى بكثير من هذا "الإمكان". ومن الممكن مثلا الاعتقاد الشائع في ليبريا الأفريقية ذبح طفل وشرب دمه قبل المعركة سيعطيك قوى سحرية تهزم بها اعداءك لكننا نعرف يقينا أن هذا أمر غير محتمل ولا يوجد فيه احتمالا. بتالي جدل "أمكانية" وجود الروح هو جدل عديم المعنى لانه لا يقدم أي ادلة ولا يمكن الركون إليه والاطمئنان لاصحابه. الأدلة التي سردتها بهذه المقالة أيضا ترد على كل من يدعي ان العقل يوجد بدون الدماغ. والجملة الأخيرة التي اريد أن اقولها: الذي سيكون بعد مماتك هو ما كان قبل ميلادك ولا فرق بينك وبين سائر البهائم في الممات، فالكل إلى فناء ولن يبقى لك الا ذكراك في الناس ما تذكروك حتى ينسوك كأغلب اسلاف الناس. لا يمكن "لنفس" ان تغادر جسدك بدون أن نلاحظها ولدينا قانون حفظ الطاقة ومن ناحية أخرى جميع وظائف الدماغ التي تنسب إلى الروح لدى المؤمنين ترد بشكل كامل إلى أسس بيولوجية وفي القبر يحدث الاضمحلال وتحلل الجسد ربما هذا احد مصادر "الإيمان" بحياة بعد الموت.. هروب نفسي وطمائنية زائفة من بؤس ما يحدث للجسد بعد الممات.




[i] Zukić S, Sinanović O, Zonić L, Hodžić R, Mujagić S, Smajlović E. Anton's Syndrome due to Bilateral Ischemic Occipital Lobe Strokes. Case Rep Neurol Med. 2014;2014:474952. doi: 10.1155/2014/474952. Epub 2014 Nov 3. PubMed PMID: 25530893; PubMed Central PMCID: PMC4235183.
[ii] Mark R. Ferguson, Cassie K. Yu, Andrew V. Poliakov, Seth D. Friedman, Jon M. McClellan, Capgras syndrome: neuroanatomical assessment of brain MRI findings in an adolescent patient, Brain, Volume 140, Issue 7, July 2017, Page e43, https://doi.org/10.1093/brain/awx121
[iii] Feinberg, Todd; Eaton, Lisa; Roane, David; Giacino, Joseph (1999). "Multiple Fregoli Delusions after Traumatic Brain Injury". Cortex. 35 (3): 373–387. doi:10.1016/S0010-9452(08)70806-2. PMID 10440075
[iv] (اكتشاف الفاعل أو تحري الفاعل كيفما تريد تعريب مصطلح Agent Detection)




الخميس، 21 يونيو 2018

مسودة: رسالة في نقد طبيعة الدول



مسودة: رسالة في نقد طبيعة الدول

تنبيه:
في هذه الرسالة لن أقوم بإستخدام العبارات والأمثلة العربية التي لم تخلق لإستيعاب الأفكار التي اريد أن أبوب لها في العقلانية السعودية إلا على شاكلة الضدية في المعنى من باب تحرير العقل من سجن الأمثال الثقافية. لضمان أن يكون هناك أفضل مما كان سأضع ما يقابل الكلمة باللغة الاعجمية ( الإنجليزية أو الألمانية).
 
الباب الأول: نقد طبيعة الدول
تعريف الدولة قد يكون بالغ الصعوبة في الولهة الأولى لكن عند فحص وظيفة الدولة كمنظمة سيوجتماعية يمكن حصرها بـ: المنظمة الاجتماعية التي:
1-   تحتكر استخدام العنف والإكراه ضد الأفراد في بقعة جغرافية ما
2-   تتدعي أن أفعالها مبررة ضد وباسم الأفراد في تلك المنطقة وهي طواعية من طرفهم. أحد الأمثلة هو ما حدث لـ لوجين الهذلول قيام الدولة بإعتقال فرد لجريمة وهمية[1] ثم كانت الردود أنها تستحق ذلك طواعية من طرفها.
3-   المنظمة محكومة من مجموعة أفراد يصرون على تصوير أنفسهم بـلفظ نحن المجتمع رغم أن أغلبية الشعب يتم اعتبارهم رعايا (Subjects ) لتلك الدولة. وأغلب قراراتهم تستقبل بالرفض والاستجهان مِثْـل تواجد الأجانب في السعودية[2]
4-    الدولة هي الوسيلة السياسية؛
يذكر عالم الاجتماع الألماني Franz Oppenheimer في كتابه The State (1926) ما نصه تعريبا ص24: "هناك وسيلتين متضادتين بشكل جذري يستطيع من خلالهما الإنسان الحصول على الثروة التي تشبع رغباته وحاجاته. هما العمل (Labor ) والنهب ( Robbery)  الأولى عمل الإنسان نفسه والثانية نهب اعمال الاخرين لإشباع رغبات الإنسان. أنا أقترح تسمية عمل الإنسان و ما يساويه من التجارة التبادلية بالوسيلة الاقتصادية. في حين يتم تسمية الإستيلاء على عمل الآخرين ومنتوجاتهم الوسيلة السياسية. والدولة هي منظمة الوسيلة السياسية، بتالي لا يوجد دولة تتأسس إلا بعد أن تقوم الوسيلة الاقتصادية بخلق عدد كافي من المواد والمنتوجات التي يمكن نهبها بطرق الحربية."

 الدول بهذا المفهوم لم تتأسس يومًا إلا على أساس طفيلي من نهب أملاك الآخرين والتأسيس لذلك نظاميًا وثقافيًا بتحالف السياسي-الثقافي-الديني. في البدء كانت القبائل تنهب بعضها بعضًا بقواعد "نظامية" بحيث يترك للمغلوبين ما يكفي ليتم نهبهم لاحقاً.
ثم تأسست دول مثل حكم الفراعنة في مصر و الخلافة الإسلامية الرشيدة في المملكة العربية السعودية في القرن السادس ميلادي تحت حكم النبي محمد وخلفاؤه التي قامت على أساس السرقة (الغنيمة) المدعومة عقائديًا برضى (الله) ولمحمد الخمس وللبقية حسب أهميتهم في إبقاء النظام الإجتماعي كما هو وإكراه المزيد من الناس عليه.

 الدولة بهذا المفهوم دائمًا تصر على تصوير هويتها بـ(نحن) الشعب. من الأمثلة في منطقة الشرق الأوسط: عراق صدام. العراقيون كانو يعيشون في فقر مقدع وبؤس إجتماعي وإنقطاع حضاري عن العالم ولم يأبه صدام ودولته وحزبه وجماعته ببؤس عموم الشعب فالدولة تم توظيفها لسرقة انتاج العراقيين وأراضيهم وإعادة توزيع ذلك على من هم جزء من الدولة العراقية الصدامية. وعند حدوث الحرب الأمريكية-العراقية قامت الآلة الإعلامية والعسكرية للعراق بتجنيد رعايا تلك المنطقة في خدمة تلك الدولة التي لم تضحي لهم ولم تقوم في سبيلهم لكن قامت بإستخدامهم ك مواد ومصادر بشرية للدفاع عن المجموعة الحاكمة. ثم تلاتها الحكومات العراقية المتتالية بعد تحرير العراق بنفس العقلية من توظيف الدولة لسرقة نتاج الافراد و المواد والمصادر الطبيعية في سبيل موظفي الدولة.

الجزء الثاني: ديمومة الدول

حتى تستمر الدولة ( الدولة تعني هنا الموظفين بعقود دائمة في الحكومة، البيروقراطيين، المستشارين، الوزراء، وكل من هو جزء من الدولة) تحتاج أن يكون هناك دعم شعبي وهذا الدعم قد يكون دعم معلن ومليئ بالفرح والتهليل أو الدعم الصامت السلبي مثل دعم الجبريين في الماضي ( ذاك حكم الله، قدر الله وما شاء فعل).  المستبد لوحده لا يستطيع أن يحكم بل أول ما يقوم به هو خلق طبقات من  المنتفعين[3] من النظام ماليا واجتماعيا (لتحقيق رغباتهم، لاحظ أن كل هذا يجب أن يُفهم في إطار أن الإنسان يسعى لإشباع رغباته أما عن طريق العمل أو عن طريق النهب) مثل  المستشارين، الموظفين الدائمين في الخدمات المدنية، ..إلخ. كلما كبرت هذه المساحة[4] قلة الخشية من فقدان السيطرة.

 طبقة المثقفين العلمانية والدينية تقوم بعمل الحامل الناقل للإيدلوجية التي تسمم العقل العام[5] لإن الإنسان العامي بطبعه لا يفكر كثيراً وعادة يكون سريع التأثر برأي "المثقفين" خصوصا إن كانت ملكة النقد لديه ضعيفة ولا يمتلك الأدوات العقلية التي تمكنه من فحص الاخبار أو تكوين حكمه الذاتي على الأمور من حوله.

يتم إقناع الرعايا بطرق محصورة أهمها:

  •     نشر الإعتقاد أن القيادة حكيمة[6] أو الإمامة أو الخلافة أو الحكم الرشيد أو حكم الشريعة أو القرآن والسنة[7] كفعل داعش بتأسيسها لنظام النهب والسلب في العراق وسوريا تحت تلك المسميات أو دعوت جماعة الأخوان المسلمين والسلفيين الجهاديين في الخليج العربي أو إدعاء أن القيادة علمية وتنويرية[8].
  •     الجبرية السياسية وهو الإعتقاد بأن الإنسان لا خيار له وأن الأنظمة إنما هي قضاء وقدر لا تتغير وعلى الإنسان التسليم بها وإن كرهها في وجدانه.
  •     تخويف الناس بالجريمة ورفع راية أمن وأمان وهو أمر صحيح منطقياً بحيث أن الدولة تحتكر العنف ضد المجرمين، وتبقي الجريمة إلى أقل حد ممكن. لكن أحيانا يكون مصطنع مثال ذلك هو ما كان يفعله القذافي من خلق أعداء من الداخل والخارج وشحن الشعب الليبي بمشاكله الخاصة.
  •     العادات والتقاليد: الأنظمة التي لم تبنى على الإكراه وقامت على التحالفات السياسية وبعض القواعد التنظيمية تكون من أقوى الطرق المعمول بها في هذا المجال. النموذج على ذلك هو وطننا السعودية، حيث قامت الدولة على طبقة مشائخ القبائل ومناطقهم التاريخية وتثبيت – نظريا على الأقل- قاعدة الملك عبدالعزيز في فصل الحكم عن التجارة في ابناءه وذات الشيء تأسست عليه الإمارات. ما الذي يجعل هذه الأداة بهذه القوة في ضمان ديمومة الدولة؟ لأن هذه الأنظمة الاجتماعية وجدت قبل الدولة بقرون وتطورت في تلك البيئة الجغرافية للمحافظة على الحياة فيها بتالي الدولة التي تخرج منها تستمر ديمومتها لفترة طويلة للغاية وتتطور طبيعيا والدولة التي تعادي تلك المنظومات غالبا تنتهي بالإنهيار أو الحرب الأهلية. من الدلائل على ذلك هو شيوع امثلة من قبيل: "لا تخرج على المجتمع" و"احترم خصوصية المجتمع" و"ما يناسب عاداتنا".
  •     إغراق الرعايا أو أكبر عدد ممكن منهم برعاية الاجتماعية أو إدعاء أن الحكومة تكنوقراطية وأكثرها علميًا او ليبراليًا أو علمانيًا أو دينيًا وكل هذه الأشياء هي مسميات مزيفة مهما خلصت نية الحكومة، لأن طبيعة الحكومة قائمة على النهب ولن تتغير بتغير النوايا أو الأفراد. هي شركة خاصة قائمة على نهب المجتمع لفائدة الأفراد المنظمين بها كلن على رتبته[9].
الباب الثالث: ما هو الحل أو ما هو أقرب شيء لحل هذا الإشكال Dilemma؟
الإنسان على مر العصور حاول أن يخلق أنظمة تمنع النهب في الدولة دون أن يدرك أن النهب من طبيعة الدولة. محمد خلق لنا الشريعة وطريق روحاني ، ثم ادخل الخمس له ولعائلته من نهب الأقوام المجاورين ثم حكر "الخلافة" على عائلته القرشية. بعدها قامت الخلافات الإسلامية المتتالية بنهب الأقوام بما يسمى جهاد الفتح ونهب رعايا تلك الخلافات بمسميات مختلفة مثل الجباية والاتاوة والجزية. وفي العراق الملكية كانت تجبي الأموال من الشعب وتعطي مجموعات نفوذاً  اقتصاديا على مجموعات أخرى ثم جاءت الإشتراكية البعثية بـقيادة صدام الذي وجه كافة المصادر الطبيعية والبشرية الموجودة داخل البقعة الجغرافية المسمى عراق لخدمة رغباته ورغبات عائلته بما في ذلك الرغبات الجنسية. ولذلك يجب أن نفهم أن الموضوع كله يقوم على أساس أن الإنسان يسعى لإشباع رغباته أما بالنهب (الدولة) أو بالعمل القطاع الخاص مثل عوام الناس.



المشكلة تقع في فساد البناء المؤسساتي للدولة.  في الولايات المتحدة الأمريكية فطن الإباء المؤسسين لذلك وقامو بإصدار الدستور الأمريكي و قانون الحقوق الفردية.  عباقرة الثورة الأمريكية[10] وضعو الدتسور عام 1789 وبيل اوف رايتز عام  1791 ويمكن تقسيم فئات الدستور إلى 20% تقلل من سلطة الدولة و10 % تحدد بشكل لا يقبل التأويل صلاحيات الحكومة و70% لضمان أن الدولة نفسها تخضع للقانون وتحترم حدود سلطتها. وتم تأسيس المحكمة العليا كجهاز مستقل يحكم في شؤون الدستور لحماية الناس من تسلط الحكومات المتعاقبة، وهكذا منذ تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية لم يحكمها ديكتاتور واحد ولم يستفرد طاغية بحكم ولاية ولم تحصل إلا حرب أهلية واحدة. الدستور الأمريكي نص على المحكمة العليا لكن ترك مسألة عدد القضاة إلى مجلس النوب والشيوخ وأقر هذا الأخير قوانين عديدة اخرها 1869 يحكم ب 9 قضاة حد اقصى.  إن كان هناك مقعدا فارغاً يقوم الرئيس بترشيح مرشح للكرسي ثم يقوم مجلس الشيوخ والنواب بإجراء مقابلة مع المرشح - تبث مباشرة، سجل عام متاح للشعب- يتم التحقيق معه وطرح الاسئلة حول توجهاته السياسة مثلا ومدى تأثر احكامه القانونية بذلك وقد يتم مسائلته عن قضايا سابقة حكم فيها. اخيرا يتم التصويت عليه ويشترط أن يحصل على أغلبية بسيطة لكي يتم اختياره وبعد أن يتم اختياره لا يحق لأحد إقالتهم كرسيهم دائم إلى وفاتهم أو إستقالتهم من المنصب وتقوم الأجهزة البيروقرواطية بتوفير الحماية الشخصية لهم. طوال التاريخ الأمريكي كان هناك أربع رؤوسا فقط لم يتاح لهم ترشيح عضو المحكمة العليا.

رغم أن تقسيم السلطات الثلاث والمحكمة العليا يضعنا في مشكلة أن تكون الدولة قاضية في قضيتها إلا أنني لا أجد حلا أكثر عملياً من ذلك سوى أننا نحتاج إلى تشديد طرق وصول الأفراد إلى كراسي المحكمة العليا التي ينبغي أن تكون محدودة بعدد وجعل الحكومة ومؤسساتها الثلاث بحالة checks and balances  دائمة لا تنتهي. بحيث الحزب ذو الأغلبية يتم منعه من تجاوز الحدود المسنة للدولة من قبل حزب الأقلية وهكذا على الدوام كما يتم إعطاء حق المناطق الإدارية برفض[11] خطط مشرعيي الحكومة المركزية وإعطاء محافظات تلك المناطق رفض قوانين مشرعيين المناطق وسياسيتها وأعطى المدن في تلك المحافظات حق رفض مشرعي المحافظات وهكذا! ولضمان حقوق الإنسان الفردية و الحرية السلبية؛ أي الحرية التي لا تتطلب دعم حكومي ولا خطاب أممي ولا عاطفي يجب أن ندفع لمزيد من هذا مثلا نعطي ذلك الحق لجمعية الأطباء أو المهندسين أو ..إلخ مثلا أن يرفض العالم (أ) أن يخضع دواءه لـعشرة سنوات اختبارات إكلينكية قبل أن تبث فيه لجنة حكومية أما قبولاً أو رفضاً. ينبغي أن يمتلك الحق في مباشرة تجربة واسعة بدون تعقيدات حكومية طالما أنه يعلن عن ذلك بشكل صحيح للمستهلك ويوضح له مخاطر التجربة. إن تحرير الإنسان من عبودية الدولة يجب أن يكون من أولوليات العقلاء في أي بلد.

الباب الرابع: السعودية
في السعودية المسألة بالغة التعقيد تعاقب إدارة على الفساد وعدم تعرض تلك العصابات داخل الدولة لأي عقوبة من الدولة على سبيل المثال:
  •     تجارة الفيزا التي قادت البلد إلى خراب إقتصادي وثقافي (راجع: مملكة الوافدين أم المملكة السعودية؟) .
  •     احتكار الأراضي وعدم وضوح قوانين استخدامها ومركزية الإستخدام وصلاحيات البعض في الإستيلاء على الأراضي "العامة" المملوكة تاريخيا لشعوب المنطقة.
  •     التعدين وعدم وضوح أنظمتها وتأخر إصدار القوانين التنظيمية والسطو على أملاك الافراد باسم "الصالح العام".
  •    غياب أي checks and balances  إلى أن صدرت النيابة العامة مع الإشكالات الواقعة فيها.
  •    غياب دستور منظم للحكومة ومحددا بشكل دقيق لما يمكن أن تقوم به.
  •    غياب بيل أوف رايتز للفرد السعودي.

الحلول المقترحة:
  •    اخراج الأجانب بشكل جماعي وخلال فترة لا تتجاوز ثلاث سنوات مع مقاييس رقمية  تظهر التقدم نحو الهدف لكل ربع سنة. وذلك لتجنب النزاع الأهلي المتوقع لمثل هذه المستويات العالية من توافد الاكوام البشرية دون وجود انتخابات توضح رأي الشعب بالموضوع. كما أن هناك فرق بين القومجية الوطنجية وبين ما يطلق عليه natural nationalism  التي تنشأ طبيعيا بين الافراد لإرتباطهم بالأرض لقرون طويلة دون وجود صلات قرابية وتاريخية مباشرة خارج حدود تلك الأراضي (سعودي الأصل والمنشئ) في حين أن "القومجية الوطنجية" تدعو إلى تقبل الجميع بما في ذلك تجنيس الملايين وهذه بطبع دعوة خرافية لا يدعو إليها إلا مجنون لم يدرب عقله على فهم عواقب الأمور التي ستكون في هذه الحالة الاقتتال الأهلي. والقومجية الوطنجية مشهورين بالتخوين بالإتهامات المعلبة مثل  العنصرية والمناطقية و كل ما يمكن أن يرمز لهوية لا يمكن لهم أن ينتمو إليها.
  •    إقالة نصف موظفي القطاع العام في مدة لا تتجاوز اربع سنوات مع مقاييس رقمية نصف سنوية عن طريق برامج تشجع على الاستقالة أو التسريح الجماعي والتحول إلى نظام دفع الراتب أسبوعيا وbiweekly  بنظام الساعات في القطاع الحكومي والخاص.
  •     تشجيع الاعتماد على النفس والحكم الذاتي وإصدار نظام إستخدام الأراضي وحكمها بشكل ذاتي حسب شعوب تلك المناطق.
  •     تحديد صلاحيات الحكومة بشكل دقيق بدستور لا يقبل التأويل وتأسيس محكمة عليا تختص فقط في الدستور.
  •    إصدار بيل أوف رايتز تضمن الحرية السلبية (التي تشجع على الاعتماد على الذات وتخلق الثروات في العالم المتقدم) .

وينبغي التركيز على المصالح الأمة السعودية وعدم الإتكال على أكاذيب القومية العربية وأوهام الأمة الإسلامية التي تقوم على نهب ثروات السعوديين العامة. المعاهد الفنية يجب أن تدرب السعوديين على أن يكونو عمالة مطلوبة دوليا وتجار ويتم توقيع اتفاقيات المساعدات المالية للدول الفقيرة على أساس المنفعة المتبادلة. مثال ذلك ما تقوم به الصين في جمهورية الكونغو الديموقراطية من توقيع إتفاقيات تسمح للمزارعيين الصينيين بالعمل والعيش في الكونغو تحت حماية الحكومة الصينية. علينا ك أفراد التحريض ضد أي شخص يدعم ثقافة قصور الأندلس الغبية و حريم السلطان. علينا أن ندفع بأقوى ما يمكن أن ندفع به نحو تفعيل الفرد السعودي ليصل إلى أعلى حد ممكن من الازدهار والسعادة دون أن يتم تكبيله بالعقد النفسية والإجتماعية والأممية ودون أن ينتهك أمانه في موطنه ودون أن يتعرض لنهب من قبل الدولة المركزية[12]

في المستقبل قد أركز على بناء "العقلانية السعودية" كمخرج لأزماتنا لكنها تتطلب "تسلميا" و"إعتقاداً" بها فعلا وقولا كما يفعل الاخرون بمعتقداتهم - لكنهم يقاتلوننا إذا فعلنا ذات الشيء الذي ينكروه علينا لأنهم يعلمون أنها الطريقة الوحيدة التي تسود فيه المعتقدات في أي مكان بالعالم.



[1] زيارات السفارات والتعامل معها لم يكن في يوم من الأيام جريمة. بل أن  فكرة جواز السفر ظهرت للعلن في القرن الثامن والتاسع عشر لكي يستطيع المواطن العادي الذهاب إلى بلد معادي في حالة حرب مع بلد ذلك المواطن في سلام وهدوء.
[2] يدعي مستشاري الدولة بأن المواطنين يريدون هذه الاكوام البشرية في مناطقهم وهذا بطبع غير صحيح لا واقعيا (استقتاءا) ولا خيارا (لو كان السعوديين يختارون مرشحهم المحلي لما حصلت فوضى الأجانب أصلاً) ولا عالميا (في كل دولة بالعالم لا يتم إستقبال أكثر من 5% من اجمالي عدد السكان دون حدوث مشاكل ضخمة وردود شعبية ضد هذا الإستيطان)
[3] يمكن أن تقرأ المزيد عن هذا في كتاب  Anti-Dictatorللكاتب La Boétie الديكتاتور يقوم بجمع من لديهم طموح ويوزع عليهم الغنائم كطريقة لتثبيت الحال.

[4] لا يمكن تجنب الحديث عن الاقتصاد الريعي حيث أن قوته تكمن في توسيع رقعة موظفي الدولة من العموم.
[5] وجب التنبيه أنني اشير إلى "الرأي العام : public opinion  بـ العقل العام و العقلانية السعودية ..إلخ لكن لا يوجد "عقلانية محلية" عند الحديث عن العقلانية بحد ذاتها كما نفهمها في اللغة الإنجليزية.
[6] مصطلح الأنظمة البعثية في العراق وسوريا ومن آمن بمعتقداتها في الخليج.
[7] المصطلحات المفضلة لجماعة أهل السمنة والمجاعة -وكذلك جماعة المجرم علي بن ابي طالب وبقية القتلة- التي تسببت في فقر الجزيرة العربية ومنع تقدمها ونهب أهلها على مدى 14 قرناً.
[8] المصطلح المفضل لدى رديحة الشيوعيين والاشتراكيين والقوميين مواليد السبعينيات والستينيات وما قبلها وتحولهم لاحقاً بقدرة قادر إلى "ليبراليين" يدعون إلى "ليبرالية" مناسبة لعقائدهم الشيوعية. والمسألة عندهم ذاتها لم تتغير.
[9] كف الشرطية الذي بدأ جحيم ثورات الشرق الأوسط في تونس. معاملة الشرطة المصرية للمواطنين كالبهائم وأخذ الرشوة من أهل الخليج في مصر والمغرب ولبنان وغيرها من الأمثلة البسيطة التي لا تراها في السعودية لسبب (العادات والتقاليد) و (المكون الاجتماعي القبلي والاسري للسعودية). 
[10] التي يحق لنا تسميتهم بالأباء المؤسسين، السلف الصالح الذي نستأنس برأييهم ولا مثيل لعبقريتهم.
[11]  أعني حق ال Nullification تحدث عنها سميث في كتابهThe Growth and Decadence of Constitutional Government
[12] على سبيل المثال في أمريكا الرخصة تكلف شيء من قبيل 14-25 دولار يشمل الاختبار وقيمة اللوحة و8 دولار لتجديد الرخصة. في حين في السعودية تجبر الأفراد على ساعات تدريبية طويلة تستطيع من خلالها جباية الأموال من المواطنين. كذلك نظام ساهر المشؤوم وهو عقد وقعه افراد منتفعين من القطاع الحكومي مع جهة منتفعة من القطاع الخاص لجباية الأموال بشكل ليس له مثيل.

الخميس، 14 سبتمبر 2017

15 سبتمبر والمنهج العلمي




15 سبتمبر والمنهج العلمي

مدخل:
التاريخ ليس له قواعد وقوانين بتالي المستقبل يعتمد كلية على الفعل البشري؛ أي ان مستقبلك يعتمد عليك وعلى الافراد من حولك من نواحي كثيرة. كلما كان المجتمع أكثر تحرراً وتبنيا لاقتصاد السوق  كلما صار المستقبل أكثر اعتمادا على أفعالك، ذلك أن الحواجز التي وضعت على حريتك السلبية لم تعد موجوده أو تم الحد منها بشكل كلي -و هذا موضوع اخر لمقال اخر- أما في المجتمعات التي لا زالت تعاني من عداء الرأسمالية والانفتاح فإن مستقبلك يعتمد ليس فقط على افعالك بل على افعال الاخرين. فالدولة ( أي دولة، بما في ذلك الليبرالية)  ليست سوى مجموعة من الافراد المتنفذين وجيش من التابعين فإذا كانت الدولة ليست ليبرالية فالافراد المؤثرين سيحددون مستقبلك إلى حد بعيد. سيقومون بإنتاج الثقافة والقوانين التي تحد من "خيارات" مستقبلك. 

الفرضية العلمية:

أنا ضد التمركز حول الذات واتخاذ موقف النبوة من التاريخ. لا يمكن التنبؤ بالمستقبل البشري من حيث الفعل وينبغي أن تفهم بأن أي فرضية لا يمكن اختبارها هي عديمة القيمة والفائدة مثال ذلك هو القول بأن السلطة تخدر الشعب بالدين وأن الشعب لا يعرف حقوقه وأنه بمجرد أن يعرف حقوقه الطبيعية سوف يثور. المشكلة هنا أنه لا يمكننا اختبار أو استقراء شيء من تلك الفرضية. تلك الفرضية صممت بطريقة أنها تظهر وكأنها ناجحة في كلا الحالتين: إذا ثار الشعب ستكون صحيحة ( اصبح يعي حقوقه) وإذا نام الشعب فستكون صحيحة (مخدر) مثلها مثل الفرضيات الدينية التاريخية و الفرضيات الماركسية حول وعي الطبقة العمالية.

فما الذي يجعل الفرضية ذو قيمة؟

قابليتها للاختبار وقابليتها للدحض. وبناء على ذلك سأجتهد  بوضع النموذج التالي:
 الأغلبية السنية من المجتمع السعودي لديها إعتقاد ديني بأن طاعة الحاكم من طاعة الله* وبناء على رفض الحاكم للتظاهرات فأن الأغلبية السنية ترفض المظاهرات ولن تخرج في أي مظاهرات لم يأمر بها الحاكم. 
سأفترض أن هذا المعتقد الديني القديم لم يتغير إطلاقاً وأن الرأي العام لا زال محافظاً على هذا المعتقد الديني.

قابليتها للدحض؟
هناك دعوة للتظاهر غدا الجمعة من قبل شخص عامي ليس متدين وليس علمانياً ودعوته أصبحت علماً بين السعوديين ذو الأغلبية السنية. اذا لم يخرج أحد فالفرضية صحيحة إلى حد ما ويمكن البناء عليها.


__________________
* ذلك المعتقد سمح للامبراطوريات الإسلامية أن تدوم لقرون طويلة رغم أن قادتها كانو سفاكي دماء ولصوص غزاة..إلخ.



الأحد، 18 مايو 2014

الشخصية العامة وحق المعرفة لا الشخصية العامة والحق في الخصوصية (الشنار نموذجاً)





أود في البداية أن اعتذر من القراء وزوار المدونة على خمول المدونة مؤخراً ذلك لإنشغالي في أشياء أكثر أهمية بنسبة لي وأود أيضا أن اعتذر عن عدم مباشرتي بعد موضوع ترجمة تغريدات "أدعياء الليبرالية” الذين يقدمون أنفسهم على أساس أنهم الواجهة المثقفة للبلاد  إلى الإنجليزية ،  الذي اصطلحنا أحيانا مع بعض الزملاء على تسميتهم بـ "الربرايين" وهو المسمى الذي يطلقه اتباع الجماعات الأصولية المتطرفة  في السعودية على من يسمي نفسه ليبرالي. ثانياً فليعذرني الزملاء على استخدامي أسلوباً بيداغوجياً ذلك أنني أعتقد أننا أمام ظاهرة جهل مركب في حقوق الإنسان وما يرتبط بها من قبل بعض اتباع الفكر اللاديني وأدعياء الليبرالية.  ويقصد بـ الجهل المركب هو جهل الشخص بالشيء مع غياب معرفة ذلك الشخص بجهله وقد قيل: لما جهلتَ جهلتَ أنك جاهلَ جهلا وجهلُ الجهلِ داء معضلُ .

الشخصية العامة وحق المعرفة لا الشخصية العامة والحق في الخصوصية

باسم العقل :P ابدأ:

الشخصية العامة
الشخصيات التي تضع جزء أو اجزاء من شخصياتها  للعامة والتي ينال جزء أو اجزاء من شخصياتها على اهتمام العامة مثلا الصعود على منابر المساجد أو لاعب كرة القدم أو السياسيين أو رجال الأعمال...إلخ  يتم تصنيفهم تصنيفا مختلفا؛ أي “شخصية عامة. وفي هذه الحالة يمكن تقسيم الشخصية العامة إلى نوعين :
أ) شخصية مجبرة بسبب الظروف بأن  تكون تحت أضواء العمومية مثال ذلك ممرضو  مستشفيات جدة الذين أصيبوا بفيروس الكورونا أو زوجة بريئة لإسلامي إرهابي فجر نفسه.
ب) شخصية إراديا وضعت نفسها أمام العامة مثل رجال الأعمال و المشاهير ورجال الدين وكل تولى منصب أو قامت بدور يخضع لشيء من العمومية. 

يمكننا بسهولة أن نبرر نبش الحياة الشخصية لمشايخ الدين أو لاعب كورة سعى لجذب انتباه  العامة لكن سنواجه صعوبات في تبرير نبش الأخلاق الخاصة لممرض في مستشفى جدة أصيب بفيروس الكورونا (غير مثلا إذا كان الممرض أصيب بمرض جنسي ونقله للمرضى أو الممرضات أو كان ذو علاقة بالحادثة ..إلخ) أو  زوجة بريئة لـ إسلامي إرهابي فجر نفسه.

حق المعرفة
فكما أنه من حقنا أن نعرف ما إذا كان المهندس (أ) يحمل شهادة مزورة ومن حقنا أن نعرف الشؤون الصحية وعدم كتم الأخبار عن العامة وكما أنه من حقنا أن نعرف ما إذا كانت شركة التعدين (ب) التي تمتلك الأرض الفلانية سيؤثر عملها على صحتنا الشخصية في الحياة اليومية. ولما كانت بعض الأدوارفي المجتمع  تشغل حيزا من المساحة العامة فإنه من حقنا نبش الحياة الخاصة لتلك الشخصيات العامة التي تشغل تلك الأدوار وهنا بعض التبريرات المنطقية التي تجعل النبش مشروعا :
الشخصيات العامة  التي تشغل دور  له تأثير على العامة أو يقع تحت اهتمام العامة من حق العامة أن يعرفوا ما إذا كان :
الشخصية (أ) التي تعارض حق المرأة في التعليم ترسل بناتها إلى أفضل جامعات العالم.
الشخصية (ب) التي تعارض مشروع الابتعاث ترسل أبناءها إلى الخارج.
الشخصية (ج) التي تخرج على منبر الخطبة كل جمعة أو تخطب من الشورى عن عدم الإساءة للأبناء؛  في المساء تعذب أبناءها ضربا وركلا وحرقا أو فقط  تمارس الإساءة الكلامية. 
الشخصية (د) التي تتحدث ضد حقوق المثليين أو تسيء إليهم لفظيا وقد كان لها ممارسة مثلية في الماضي.
الشخصية (هـ) التي تحرض وتقف ضد الجنس بالتراضي و يكون لها ماضي في العلاقات الجنسية الحرة .
الشخصية (و) التي تنصب نفسها حامية الفضيلة والأخلاق و ترتكب أعمال شائنة مثل التعامل مع المَوامِيس.
الشخصية (ز) التي تشغل منصبا عسكريا كبيراً لديه مشاكل عقلية قد تعيقه عن أداء عمله أو تجعل أراءه غير صالحة أمثلة أخرى على نفس المنوال :  شخصية تحرض ضد حقوق المثليين ثم يظهر أنها تعرضت للاعتداء الجنسي في الصغر ، شخصية تقف ضد حق ممارسة الجنس بالتراضي ثم يظهر أن هناك حادثاً معيناً حدث لها  في الصغر مسببا مشكلة نفسية...إلخ
الشخصية (ح) شيخ دين وإمام مسجد يمضي أيام حياته في الإفتاء الديني والتحريض على الناس المختلفين عنه بدعوى الأخلاق ثم في فترة أجازته يمضيها بين الحانات والمواميس. 
الشخصية (ط) حقوقي يتحدث عن حقوق الإنسان والافراج عن المساجين و ...إلخ ثم  يستلم أموال أو وعود بترقية أو ...إلخ 
الشخصية (ي) تشغل منصب وزير وهناك تسجيلات ذات طابع جنسي أو مالي أو أي شيء يمكن استغلاله في الابتزاز.
الشخصية (ك) ترشحت لمنصب عسكري  ميداني كبير ، وهو في الماضي أصيب إصابة بالغة في عظام الساق. 
الشخصية (ل) تطالب بمنع الخمر أو الدخان أو ...إلخ، وهو قد شرب الخمر في الماضي أو الحاضر.
الشخصية (م) يحاضر في حقوق الإنسان وهو يضطهد زوجته أو ابنته أو يمنعهم من ممارسة حقوقهم الأساسية أو يحرض على حقوق المرأة والمثليين 

هذه الأمثلة أما فضح نفاق أو فضح ما يمكن استخدامه للابتزاز أو ما يمكن أن يعيق أداء الدور الاجتماعي . هذا لا يعني أن الشخصيات العامة ليس لها خصوصية طبعاً لها خصوصية لكن يجب أن تكون حذرة مثلا :

أ) لا  ينبغي لشيخ دين مسلم يحرض الغوغاء على المثقفين بدعوى الأخلاق ثم يأتي إلى مكة لممارسة الجنس مع فتاة جامعية ويسألها ما إذا كانت صديقتها ستمارس الجنس معه أو ستكتفي بالمشاهدة. ولا ينبغي له أن يتحدث ضد الجنس الشرجي أو المثليين ثم يسأل الفتاة ما إذا كانت تريد أن تمارس الجنس الشرجي معه. ثم يأتي يطلب عدم النشر بحجة الخصوصية... قمة البلاهة. من حقنا أن نعرف.

ب) لا ينبغي لفقيه اقتصادي مسلم يفتي ويكتب المقالات في تحريم الربا وكيف أن البنك الإسلامي - الذي هو موظف فيه- يمنع الربا ثم تتسرب لنا أنه شخصيا لديه استثمارات ربوية وأن حقيقة البنك الإسلامي قائم على ربا أعظم من ذلك الذي في البنوك العلمانية الليبرالية. ثم يأتي يطلب عدم النشر بحجة الخصوصية … قمة البلاهة. من حقنا أن نعرف.

ج) لا ينبغي للممثل   (أ) أن ينفق أمواله في تسويق صورته وتحسينها ثم تتسرب فضائح جنسية ثم يأتي يطلب عدم النشر بحجة الخصوصية … قمة البلاهة. من حقنا أن نعرف.

د) لا ينبغي مسلم/ة  يحرض/تحرض على العلاقات الجنسية القائمة بالتراضي (المغايريين أو المثليين...إلخ) في تويتر – شبكة عامة- ثم تتسرب حقيقة أنه/ أنها  مارس/ مارست الجنس  المثلي أو المغاير في الماضي.  ثم يأتي يطلب عدم النشر بحجة الخصوصية … قمة البلاهة. من حقنا أن نعرف.

هـ ) لا ينبغي للوزير (أ) أن يصرف الأموال العامة (أو الخاصة) في امتلاك السيارات الفارهة و الخدم و ينفق أموال طائلة في إجازاته السنوية في الفنادق الراقية والقمار وما شابه من التصرفات التي تشكل جزء من صفات شخصيته العامة ثم يأتي يطلب عدم النشر بحجة الخصوصية … قمة البلاهة. من حقنا أن نعرف. 



من حقي ومن حقك أن ننشر وأن نبث كل ما يخص الشخصيات العامة خصوصا الفضائح وأدعوكم لتتبع عورات الشخصيات العامة – وإن دخلوا جحر جربوع  فأتبعوهم ولا تنسوا الكاميرات العالية الدقة لتصوير الفضيحة- لأنها مسألة أخلاقية، مجتمعنا اعتاد على الكذب وعلينا أن ندفعه نحو الصدق دفعاً ، نحن نتعامل مع ناس ( بما في ذلك أغلب الحقوقيين المشاهير ) تؤمن إيماناً عقائدياً بمبدأ "جلب المصالح ودرأ المفاسد" أي أنهم سيخوضون فيكم ويروجون عنكم ويحرضون عليكم طالما أن ذلك يجلب مصالحهم ويدرأ عنهم المفاسد، مثال ذلك ما حدث من لقاء مثقفين سعوديين في أحد الفنادق فأخرجوا حكاية ألف ليلة وليلة عن "بهو الفندق" ما راعوا فيكم إلا ولا ذمة وظلوا يخوضون في أعراض الناس والمثقفين الذين حضروا ذلك الملتقى وأقامو السيرك تلو السيرك إلى يومكم هذا، ولما خرجت التسجيلات الجنسية الفاضحة لشيخهم الداعية المنافح عن العقيدة المدافع عن هيئة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حامي حمى المؤخرات شيخ ال*س*سة والجنس الفرجي والشرجي محمد الشنار فاتح عذارى مكة بهجرته من الرياض إلى مكة خرجوا يدافعون عن  الداعية الإسلامي الشنار بعضهم صراحة وعلانية وآخرين ضمنياً  بعضهم إسلاميين وبعضهم رماديين (أما جبنا أو لبلاهة في عقولهم أو جهل منهم ) أرفق التسجيلات:
1- مكالمة تهديد الفتاة بالمقاضاة 
2- مكالمة جنسية  ( حجزت الساعة 7 الإقلاع) 
3- مكالمة جنسية ( منولي وشنوري)


الآن شيء أخر، ماذا لو شخص (ا) قام بقول عبارات ذمية تشهيرية ضارة عن الشخصية العامة (ب) فهل يستطيع للشخصية العامة أن ترفع قضية ضده؟ في الحقيقة أنه لا يستطيع فعل ذلك إلا في حالة واحدة فقط أن يأتي بأدلة وقرائن مغلظة أشد التغليظ بأن الشخص (أ) نشر تلك العبارات والتصريحات الذمية التشهيرية الضارة وهو قاصد الكذب لقبول التقاضي بهذا الشأن حسب مبدأ الإصرار الفعلي لمعلومات أكثر راجع ملخص القضية 376 U.S. 254 عام 1964 على الرابط  https://supreme.justia.com/cases/federal/us/376/254/case.html



ملاحظة:
اختصرت المقال كثيراً وتعمدت إغفال النموذج المعقد الذي على ذات المنول تبرر نبش الشخصيات العامة، لأنني لو فعلت فإنني سأحتاج إلى أكثر من مقال لشرح المصطلحات التي تستخدم في النماذج المعقدة. 

وطاب يومكم

الأحد، 23 فبراير 2014

لماذا أنا ملحد ؟ (2)

حجة غائية الكون 
تقوم هذه الحجة على أساس أنه لا يوجد "تصميم" بدون مصمم ، وأن هذا الكون الكبير "المنظم" الذي اتاح للكائنات العضوية المعقدة (مثلا: القرود العليا ، الحيتان) أن تظهر على كوكب الأرض لا يمكن أن يكون نتيجة صدفة ولكن نتيجة مصمم ذكي  أو صانع، قام بصياغتها أولاً المسيحي وليام بيلي واشتهر بحجة الساعة : 
"اذا وجد شخص ما ساعة على شاطئ ، فإنه لن يستنتج أنه تم إنتاجها عبر أي وسيلة سوى التصميم الذكي والغائي، لأن أجزاء الساعة وضعت بشكل دقيق من أجل عملها بشكل يحقق غايتها."
القياس :
- الساعة = الكون 
- صانع الساعات = صانع الكون


أغلب الملاحدة واللادينيين العرب قد لا يعرفون من هو وليام بيلي ولكن سيبدو  المسمى مألوفا للغاية، وذلك لأن عالم الأحياء التطوري ريتشارد دوكنز لديه كتاب عنوانه " صانع الساعات الأعمى" فند فيه الأمثلة البيولوجية التي  لطالما وضعها المتدينين الأرثدوكس في وجوه الملحدين مثل "العين" كعضو عضوي بالغ التعقيد، لكن هل يعجز التطور الطبيعي عن تفسير تطور العين؟ بطبع لا ، لكن الأرثدوكسي الساذج الذي لا زال يعتقد أن الكون عمره 10,000 أو أن هناك خالق خلقه في 6 أيام ( أيام؟ ههه!، ما الذي يجعل اليوم يوما؟ فنحن نعرف اليوم كتالي : الفترة الزمنية التي يدور فيه الكوكب حول محوره، فإذا لم يكن هناك كواكب فعن أي ستة أيام يتكلم عنها محمد؟ بل يفترض أنه لا يوجد زمان حيث أنه لم يخلق شيء من هذا الكون،  فتأمل!) ولم يستوعب "التطور الطبيعي التراكمي" عبر ملايين السنين ( نعم، ملايين السنين، وليس عشرة الالاف سنة أو 6 أيام) من قطعة من جلد شديدة الحساسية للضوء إلى العين التي نعرفها، تطورت بشق الأنفس وببطء شديد وبعملية قدلسية لا إلهية لاربوبية تماماً. لن أطيل يمكن مراجعة هذا الفيديو يتحدث عن تطور العين

  


وهذا وثائقي عن تطور العين

   

لن أطيل بالجانب البيولوجي، لأنني أريد مناقشة الحجة من جانب اخر يمكنك قراءة المزيد حول التطور الطبيعي في  مقالات سابقة ذات علاقة : 

1- الرد على ابن وراق، التطور ومسائل أخرى
2- اليات التطور
3- استراتيجية التكاثر


عودة لإشكاليات الحجة والاعتراضات عليها : 

1- في أول احتكاك لي بحجة صانع الساعات كان أول رد فعل لي هو أن هناك مشكلة في القياس كبداية فلنناقش أساس الحجة انها حجة تفترض التصميم "الذكي أو الغبي -لا يهم" أي أنها تنطلق بمسلمة أساسية وهي وجود "تصميم للكون" إلى أن تصل إلى استنتاج أن التصميم يحتاج إلى مصمم ( الخالق) لكن هذا غير صحيح كان الأولى أن يتم إثبات مسلمة "وجود" التصميم الغائي في الكون أولا ثم استخدامه في استنتاج وجود خالق، بعبارة أخرى نحن غير متفقين على مسلمات الحجة فكيف نسلم باستنتاجها ؟ 

2- الشيء الأخر في عدم صحة القياس هو إشكالية قياس مصنوعات البشر على الكون ، بمعنى عندما تذكر ساعة، صانع ساعات، لا بد وأنك ستذكر الـ : مصنع، مواد ليصنع منها الساعة، أركان متكاملة، هل تستطيع قياس كل هذا على الكون؟ هل يوجد مواد ومصنع وصانع نقيس عليه من خلال تجربتنا ؟ في عبارة اخرى : ما الذي يجعل عالم الأنثروبولوجيا يحدد ما اذا كان انسان العصر الحجري استخدام هذه "الشيء"  كفأس أم أنها مجرد صخرة ؟ عالم الأنثروبولوجيا لا  يسأل نفسه "هل  لهذه الصخرة غرض أو غاية؟"  ولكن يستقرئ العلامات الموجودة على الصخر ويرى إن كانت هذه العلامات حدثت بفعل عوامل طبيعية كالطقس أم بسبب الخبط والتسكير الذي أحدثه الاستخدام البشري لها؟  ماذا يعني هذا الكلام؟ يعني أن هذه الحجة ضعيفة ومرفوضة في أساسها لأنها مبنية على  تفسير ذاتي و شخصي  وعديمة المعنى (معرفيا) للكون. فمن سخافتها مثلا لماذا نفترض أن الإنسان غاية الكون، لماذا لا يكون الصرصور هو غاية الكون؟ نفس الحجة الضعيفة الهزيلة يمكن استخدامها للقول بأن الكون قد خلق للصرصور وليس بضرورة للإنسان. إنها دائرة عبثية من اللغة الدينية..

3-  وبخصوص نظام الكون فإنه حتى ما يطلق عليه "نظام "الكون لا يعني بضرورة وجود مصمم، لأننا نستطيع تفسير كافة الظواهر الكونية تفسيراً طبيعياً دون الحاجة لأي خوارق لطبيعة ، سبب خلافنا مع المتدينين الأرثدوكس هو أننا لا نبحث في ماهية الموجودات ولكن في العلاقة بين الموجودات بعبارة أخرى الأشياء بالحال التي هي عليه لان هذه الطريقة التي انتهت بها وليس لأن "ماهيتها" تحتم عليها هذا. ونحن نعرف اليوم بالفوضى في فيزياء الكم  ( راجع المقالة السابقة:هنا ) التي تعارض ما يطلق عليه "نظام". ثم أعتقد أن علينا أن نأخذ تفنيد هيوم بجدية أكثر ، فهيوم لا يكتفي بإنكار وجود تصميم ولكنه شكك في أن يستطيع أحد أبداً أن يثبت وجود "نظام" فـ "النظام" فرضه البشر على فوضى الطبيعة، نحن فقط من نرى النظام حيث لا يوجد. لا يوجد أدلة  على وجود نظام أو على وجود غاية. وحسب هيوم فإننا حتى لو اتفقنا أن هناك نظام في الكون لا نستطيع القياس عليه لأن ليس لدينا تجربة. وحتى لو تم قبول القياس فإنه يسمح لنا بالاستنتاج بأن الخالق ليس كاملا ( كما توضح الأدلة الامبريقية ) ثم يتوجب علينا أيضا أن نستنتج الشر والمعاناة أما ترجع إلى كون الخالق عاجزاً أم شريراً خبيثاً أو كإله طفلا يخلق الكون عبر التخلص من قلاع الرملية على أحدى الشواطئ أو خالق يموت خلال عملية خلق العالم، هذا كله عبر القياس الفاسد، بطبع لا يمكن أن يكون الخالق كاملا لأن الكون نفسه ليس كامل. هكذا يفند هيوم الحجة الغائية.


4- بخصوص الصدفة والتغني بعدم إمكانية حدوث الصدفة، تخيل الآن أنك تعيش في منزل قرب شارع (نسميه أ) يوجد فيه تقاطعات وعدة إشارات مرور وأنت  تستخدم سيارتك لعبور الشارع  كل يوم ، وإحصائيا ( حسب إحصائيات المرور للشارع أ ) احتمال أن يحدث لك حادثا في الشهر هي 1: 1000 . في يوم من الأيام حدث لك حادثا أثناء استخدامك للشارع . الآن تخيل نفسك بعد الحادث تتساءل " هل هذه صدفة أم لا؟ " إنك تتساءل عن امكانية احتمال أنت موجود  فيه أي أنه فعلا حدث وهذه حماقة، فماذا لو بدأت بالحديث عن "غاية" لحدوث الحادث لك (افرض أنه تحطمت يدك مثلا ) هل يمكن اعتبارك أي شيء سوى أنك إنسان مجنون أو بدون لباقة : غبي وساذج ؟  نفس الشيء ينطبق على الكون. يتحدثون عن إستحالة احتمال حدوث الكون بصدفة، في حين نحن نعيش في هذه الصدفة، نحن نتاج هذه الصدفة، إذا كان يمكن أن نطلق عليها صدفة.


السلسلة مستمرة، التأخير كان مقصوداً، هذه الورقة كانت جاهزة كمسودة منذ منتصف يناير. ما زال هناك ما يمكن مناقشته من جانب الحجج أو من جانب "الأخلاق بدون خالق"، ستكون مناقشة عملية مرتبطة بالعقيدة التي نناقشها (الإسلام) و من يمثلها (المسلمين) وقد جمعت مادة جيدة في هذا الجانب (تعليقات المسلمين، تغريداتهم، اراءهم ، ...إلخ).



____________________