الثلاثاء، 5 فبراير 2013

رهاب المثلية: عنصرية ومعاداة لحقوق الإنسان

مثلية تقبل مثلية ، المصور جوليان جيرار



ما الذي يؤثر في تشكيل آراءنا حول هذه القضية؟
الخلفية الدينية في المجتمعات المتدينة والخلفية الاجتماعية و المستوى الثقافي والعامل النفسي – بنسبة للافراد- والعامل القانوني أو نظرة القانون للمثلية كلها تؤثر على تشكيل آراءنا حول المثلية.
المثلية ليست مرضا وليس هناك ما يشير إلى أنها مرض ولا يوجد أحد من علماء النفس المحترمين في المجتمع العلمي يقول بأنها مرض. المثلية فعل طبيعي، كأي فعل طبيعي اخر. الحجة الإسلامية الأكثر انتشاراً هي القول بأن الجنس المثلي لا يستطيع أداء الوظيفة البيولوجية للتكاثر وهذا خاطئ بطبيعة الحال، فيمكن ذلك من خلال تأجير الرحم أو شراء المني وما شابها من طرق ، فأما أن تنضموا للمستقبل أو تنتظروا الجديد التقني الذي سيظهر ( تحديث: ظهرت تطبيقات علمية مدهشة في عام 2013) ،  يمكن إضافة:

أ-  الإنسان ليس كبعض انواع الحيوانات الاخرى فالجنس لدى الإنسان ليس موسميا ولكن يهدف إلى المتعة بشكل أساسي .
ب- السلوك الجنسي معقد، ويتأثر بعوامل كثيرة وليس عاملا واحداً ( بعيدا عن أي دعائوية ) ومن اهداف الجنس الاخرى تحقيق الرضا وإشباع الحاجة الجسدية والوجودية : عاطفة وحب و ...إلخ والاجتماعية : علاقات مع الآخرين.
ج- إذا كنا سنجرم فعل ما ونعتبره غير طبيعي لأنه " مخالف للتصميم البيولوجي" فعلينا أن نسجن من يستخدم التخدير الموضعي ونعدم من يستخدم مضاد العرق! لأنه مخالف للوظيفة البيولوجية ( على الأرجح الآن أنك فهمت سذاجة هذه الحجة) .

حجة سخيفة أخرى هي : هل  مثليو الجنس آباء صالحيين لأبنائهم ؟



صورة وجدتها في مقال جيد هنا

هذه الحجة ليست سخيفة فقط، بل خطيرة بسبب جذورها عنصرية الدوغمائية، التي تظهر بالاعتقاد بتفوق الغيريين على المثليين، تخيل مثلا أن يقول مسلم أن اليهودي ليس أب صالح أو أم  صالحة، أو أن يقول أفريقي لقوقازي أنه لن يكون والد صالح لأبنائه ...إلخ على الأرجح الآن أنك فهمت سذاجة وخطورة هذه الحجة أيضا.


ما أدعو إليه هو ما يدعو إليه أي إنسان يحترم نفسه :
أ- حق الفرد في الحكم الذاتي على افعاله الجنسية، إذا كانت جيدة أو غير جيدة.
ب – حق الفرد في أن يقرر ما إذا كان يريد أن يمارس الفعل أو عدم ممارسته.


تذكرت نصاً  لمؤسس علم النفس فرويد الذي يعتقد أن الإنسان يولد مزاوج ثم يطور شعوره مع مراحل نموه الأولى، ترجمته الآوان إلى اللغة العربية :

"
من البديهيّ أنّ المثليّة الجنسيّة ليست نعمة، ولكن ليس فيها ما يدعو إلى الخجل، وليست فسادا، ولا انحطاطا، ولا يمكن أن نعتبرها مرضا، بل إنّنا نعتبرها تنويعا من تنويعات الوظيفة الجنسيّة، ناتجة عن توقّف النّموّ الجنسيّ. هناك عدّة أفراد محترمون إلى حدّ بعيد، في العصور القديمة أو الحديثة كانوا مثليّين، ومن هؤلاء من هم من العظماء (أفلاطون، ميكال أنج، ليونارد دي فنشي، إلخ). إنّ في اضطهاد المثليّين وكأنّ المثليّة جريمة مظلمة كبرى، وقساوة أيضا. إذا كنت لا تصدّقينني فعليك بقراءة كتب هافلوك أليس Havelock Ellis. عندما سألتني عن إمكانيّة مساعدتك، فإنّك بلا شكّ تريدين معرفة ما إذا كان بالإمكان إزالة المثليّة وتعويضها بتغايريّة عاديّة. الجواب هو أنّنا بصفة عامّة لا يمكن أن نعد بالتّوصّل إلى هذا. في بعض الحالات يمكننا أن نطوّر البذور الخامدة للنّزعات التّغايريّة التي توجد لدى كلّ مثليّ. ولكن في أغلب الحالات، ليس هذا ممكنا…
"



الشيء الوحيد المستغرب هو كيف أن هؤلاء المثليين ( ذكور وإناث ) إحصائياً ليس لديهم معدل عالي من الاضطرابات النفسية رغم ما يتعرضون له من الترهيب والتهديد بالقتل وأحياناً التعذيب ( في دول أفريقية يقوم بعض المسيحيين المتطرفين بحرقهم أو اغتصابهم)، وقد يتم اضطهادهم حتى من أولئك الذين يمارسون الجنس المثلي في الخفاء وفي العلن هم أهل "الرجولة" ودائما يؤكدون على "رجولتهم وفحولتهم"  قد يحملون حقداً أكبر على الأصحاء المثليين، وهؤلاء لم يتعلموا أن يحبوا أنفسهم (كما خلقوا) ولكن أن يكرهو أنفسهم ( لأسباب دينية غالبا) ولم يتقبلوا شخصياتهم فصبوا جام غضبهم وكراهيتهم لأنفسهم على اقرانهم من المثليين.

أول زواج رسمي في الجيش الأمريكي، هل يبدوا هؤلاء غير سعيدين أو مرضى نفسيين؟ الحب هو الحب.
لا أعتقد أنه ينبغي اصدار الأحكام القيمية على السلوك الجنسي، سوا كان تعدد الأزواج أو تعدد الزوجات أو المثلية أو المغايرة أو المزاوجة أو اللاجنسية أو أي سلوك جنسي اخر طالما أنه يحصل في ظل :
1- الموافقة – إرادة الأفراد-
2- الحب، أعتقد أنها قيمة ينبغي تشجيعها في المجتمعات التي تفتقد إلى احترام إرادة الأفراد.
3- المسؤولية.
"الحب هو الحب"، هل هؤلاء تعيسون و يحتاجون إلى علاج أم من يعتقد أنهم تعساء هو من يحتاج إلى علاج؟


كثير من الناس في مجتمعاتنا تسعى لإصدار احكام قيمية على السلوك الجنسي بناءا على الخلفية الدينية أو التجربة الذاتية ( فلك أن تتخيل حجم المصيبة إن كنا نعتبر اراء هؤلاء مرجعا للحكم الأخلاقي فمن يدري ماهي طبيعة تجاربهم الجنسية؟ خصوصا وأن مجتمعاتنا ما زالت تعاني من أمراض عصبية لها علاقة بالجنس، حتى من "يحب" تستطيع تسجيل ملاحظة أو ملاحظتين تخص سلوكه غير الطبيعي /غير السوي عصبياً)  مثلا معاشرة الخمسيني  للعشرينية  قد يعتبر مقبولا لدى الغالبية (مؤثم  عند البعض) لكن معاشرة الخمسينية للعشريني مؤثم عند الغالبية! أيضا الخلط السخيف بين إشتهاء الأطفال و المثلية في شبكات التواصل الحديثة (تويتر،...إلخ). هناك من يعتبر المثلي ضحية لمشتهي الأطفال وهذا خاطئ ، ولا دليل إحصائي عليه، والأكثر حماقة هو الخلط بين السلوك المثلي وبين اشتهاء الأطفال فلا يرى فرقاً بينهما.

كراهية المثليين هي جريمة، كأي جريمة عنصرية أخرى ترتكبها الأغلبية ضد الأقلية تحاول قبلها أن تشوه صورتهم جنسيا أو بأي صورة أخرى مثلا مسيحيو القرون الوسطى اتهموا اليهود بقتل الاطفال المسيحيين حتى يبرور قتل اليهود لاحقاً وتحقيق "العدالة الإلهية"  أو قيام بعض الأمريكيين بتحريض ضد اليابانيين عبر أفلام سنمائية تصور اغتصاب اليابانيين للنساء الامريكيات و كذا فعلوا بالسود أو العكس الدعائوية اليابانية أو الكورية الشمالية ضد الآخر. ومن العنصرية بمكان الاعتقاد بأن المغاير جنس طبيعي، وأن المثلي "شاذ" !  هنالك انماط جنسية كثيرة، وعليك أن تصفهم بأنماطهم ولا تحتكر صفة الطبيعية لنمط واحد، هناك المثلي والمغاير والمزاوج ... وبسبب العنصرية والعنف تجاه المثلية جاء مصطلح رهاب المثلية أي الخوف غير المبرر من المثلية و التحيز غير العقلاني للمغايرة على حساب المثلية، وقد تصل إلى حد ارتكاب جريمة القتل أو التنمر بالألفاظ القذرة والعنصرية تجاه المثليين.

بدلا من هذا دعونا نشجع الحقوق الجنسية، و ننشي ثقافة تحتفي بالتنوع الجنوسي، ونحاول أن نفهمه موضوعياً وعلمياً بعيداعن الأحكام القبلية على السلوك الجنسي.

وحتى نواجه رهاب المثلية اقترح أن نفعل التالي:

1-  التصدي لثنائي الابراهيمي المرح ( الإسلام والمسيحية ) في المنطقة العربية عبر بث المواد العلمية (العدو الأول للأديان)
 2- التصدي للتصورات الأبوية التي تحتقر الانوثة عبر ترسيخ مفاهيم الحقوق الأساسية للإنسان.
3- نشر المعلومات الصحيحة علميا حول المثلية بعيدا عن رهاب المثلية أو الأدلجة الإسلامجية.
4- بث مواد للثقافة الجنسية الصحية والسليمة التي تضمن عدم انتقال الامراض للقضاء على الأساطير الدينية التي تتدعي أن الأمراض الجنسية سببها الذنوب وليس الممارسة الجنسية غير الصحية.
5- مفاهيم مهمة ينبغي إنماءها في فضاء الويب العربي : عشيق وخليل وعشير، كلها مفاهيم يمكن تبنيها لإباحة العلاقات الحديثة بعيدا عن تقليدية الزواج  وما شابها من المصائب التي تعيشها المجتمعات العربية.


هناك 5 تعليقات:

  1. مقال أكثر من رائع.. وأنا كثنائيه الميل أحييك و أتمنى معك أن نرى مجتمعآ أكثر تفتحآ و عقلانيه.. تحياتي.
    S.A.

    ردحذف
  2. اخالفك الراي وهذا شذوذ جنسي وهو شاذ بمعنى الملمة وتعديل للفطرة البشرية وهي عار وفي بلاد الكفر نفسة يتخذها اغلبهم انها عار وشتيمة اذا قالوها لهم ولكن اتفق معك ان هناك اشخاص يشعرون بالرغبة الجنسية من مثلة ولكن توجد ادوية وعلاج نفسي قد نفع الكثير استغرب جدا من طرحك فمع انه مخالف لشريعه السماوية في كل الاديان فهو ايضا مخالف للفطرة البشرية

    ردحذف
    الردود
    1. الزميل أو الزميلة/
      المثلية ليست شذوذاً وأنا لا أفهم أساسا ماذا تقصد بالشذوذ الجنسي (علميا) لا يوجد بلاد كفر، نحن خرجنا من مزبلة القرون الوسطى حيث دار الكفر ودار الإسلام وبالمناسبة أنا ملحد ( كافر؟). لا يوجد أدوية ولا يوجد طبيب نفسي يصنف المثلية كمرض ذلك لأنها لا يمكن إعتبار المثلية مرضا لأنها لا الشروط والقواعد التي تصنف الأمراض النفسية. وفي حال قام احد البلهاء اعتباطاً بتصنيفها كمرض فيمكن بسهولة تصنيف المغايرة الجنسية اعتباطا مرضا نفسيا أيضا. لا يوجد شرائع سماوية وأخرى ارضية وكل ذلك الهراء الإبراهيمي لا اعترف به واتمنى الخلاص منه في البلدان العربية. ولا أدري ماذا تعني بفطرة بشرية ؟ كلمة غامضة أخرى يستخدمها الهمج لمهاجمة حقوق الإنسان فالفطرة البشرية (بالمنظور الإسلامي) وإلى حد قريب كانت تمنع المرأة من العمل، لأن عملها مخالف للفطرة وقس على هذه البلاهةالأصولية الإسلامية.

      حذف
    2. المثليه الجنسيه موجوده في المملكه الحيوانيه والعلماء درسوا واكتشفوا ان الميول الجنسيه المثليه والتحول الجنسي الترانسجيندرز اوالترانسكس سمه وراثيه بالجينات بيلوجيه طبيعيه وليست اختيار شخصي او مرض عقلي او نفسي وهذه الادله تثبت بطلان الاديان السماويه الخرافات المضحكه كالاسلام ونبيه محمد الجاهل الذي لا يعلم حتى ان الارض كرويه ويقول ان الشمس تغرب في طين حاميه بشهادة القرآن !!هاها شر البليه ما يضحك , الحقيقه عندما نرى العالم المسلم اليوم نشعر اننا نعيش في القرون الوسطى فتارة نسمه ان هناك شيوخ يقولون ان المثليه شذوذ وعمل شيطاني وواجب قتلهم ونفيهم تماما كما هو حال الساحرات في القرون الوسطى الذين يتم حرقهم, ان العالم المسلم يعيش في زمن آخر ليس مع العالم المتقدم مع الاسف امر مخزي ومخجل حقا

      حذف
  3. Thank you so much for this enriching article, I've just discovered your blog, its accurate wording and informative writing is something I've never come across before in the Arabic part of the web.
    As a bisexual woman who also happens to be middle eastern, I'm comforted by your words, It's not that I'm ashamed by my gender or my sexuality, It's because there are people like you out there calling for equality and for a better future for our region, free from prejudice, bigotry, irrational hatred, and hopefully one day free from the shackles of organised religion. The cause of all evil.

    ردحذف