الأحد، 23 فبراير 2014

لماذا أنا ملحد ؟ (2)

حجة غائية الكون 
تقوم هذه الحجة على أساس أنه لا يوجد "تصميم" بدون مصمم ، وأن هذا الكون الكبير "المنظم" الذي اتاح للكائنات العضوية المعقدة (مثلا: القرود العليا ، الحيتان) أن تظهر على كوكب الأرض لا يمكن أن يكون نتيجة صدفة ولكن نتيجة مصمم ذكي  أو صانع، قام بصياغتها أولاً المسيحي وليام بيلي واشتهر بحجة الساعة : 
"اذا وجد شخص ما ساعة على شاطئ ، فإنه لن يستنتج أنه تم إنتاجها عبر أي وسيلة سوى التصميم الذكي والغائي، لأن أجزاء الساعة وضعت بشكل دقيق من أجل عملها بشكل يحقق غايتها."
القياس :
- الساعة = الكون 
- صانع الساعات = صانع الكون


أغلب الملاحدة واللادينيين العرب قد لا يعرفون من هو وليام بيلي ولكن سيبدو  المسمى مألوفا للغاية، وذلك لأن عالم الأحياء التطوري ريتشارد دوكنز لديه كتاب عنوانه " صانع الساعات الأعمى" فند فيه الأمثلة البيولوجية التي  لطالما وضعها المتدينين الأرثدوكس في وجوه الملحدين مثل "العين" كعضو عضوي بالغ التعقيد، لكن هل يعجز التطور الطبيعي عن تفسير تطور العين؟ بطبع لا ، لكن الأرثدوكسي الساذج الذي لا زال يعتقد أن الكون عمره 10,000 أو أن هناك خالق خلقه في 6 أيام ( أيام؟ ههه!، ما الذي يجعل اليوم يوما؟ فنحن نعرف اليوم كتالي : الفترة الزمنية التي يدور فيه الكوكب حول محوره، فإذا لم يكن هناك كواكب فعن أي ستة أيام يتكلم عنها محمد؟ بل يفترض أنه لا يوجد زمان حيث أنه لم يخلق شيء من هذا الكون،  فتأمل!) ولم يستوعب "التطور الطبيعي التراكمي" عبر ملايين السنين ( نعم، ملايين السنين، وليس عشرة الالاف سنة أو 6 أيام) من قطعة من جلد شديدة الحساسية للضوء إلى العين التي نعرفها، تطورت بشق الأنفس وببطء شديد وبعملية قدلسية لا إلهية لاربوبية تماماً. لن أطيل يمكن مراجعة هذا الفيديو يتحدث عن تطور العين

  


وهذا وثائقي عن تطور العين

   

لن أطيل بالجانب البيولوجي، لأنني أريد مناقشة الحجة من جانب اخر يمكنك قراءة المزيد حول التطور الطبيعي في  مقالات سابقة ذات علاقة : 

1- الرد على ابن وراق، التطور ومسائل أخرى
2- اليات التطور
3- استراتيجية التكاثر


عودة لإشكاليات الحجة والاعتراضات عليها : 

1- في أول احتكاك لي بحجة صانع الساعات كان أول رد فعل لي هو أن هناك مشكلة في القياس كبداية فلنناقش أساس الحجة انها حجة تفترض التصميم "الذكي أو الغبي -لا يهم" أي أنها تنطلق بمسلمة أساسية وهي وجود "تصميم للكون" إلى أن تصل إلى استنتاج أن التصميم يحتاج إلى مصمم ( الخالق) لكن هذا غير صحيح كان الأولى أن يتم إثبات مسلمة "وجود" التصميم الغائي في الكون أولا ثم استخدامه في استنتاج وجود خالق، بعبارة أخرى نحن غير متفقين على مسلمات الحجة فكيف نسلم باستنتاجها ؟ 

2- الشيء الأخر في عدم صحة القياس هو إشكالية قياس مصنوعات البشر على الكون ، بمعنى عندما تذكر ساعة، صانع ساعات، لا بد وأنك ستذكر الـ : مصنع، مواد ليصنع منها الساعة، أركان متكاملة، هل تستطيع قياس كل هذا على الكون؟ هل يوجد مواد ومصنع وصانع نقيس عليه من خلال تجربتنا ؟ في عبارة اخرى : ما الذي يجعل عالم الأنثروبولوجيا يحدد ما اذا كان انسان العصر الحجري استخدام هذه "الشيء"  كفأس أم أنها مجرد صخرة ؟ عالم الأنثروبولوجيا لا  يسأل نفسه "هل  لهذه الصخرة غرض أو غاية؟"  ولكن يستقرئ العلامات الموجودة على الصخر ويرى إن كانت هذه العلامات حدثت بفعل عوامل طبيعية كالطقس أم بسبب الخبط والتسكير الذي أحدثه الاستخدام البشري لها؟  ماذا يعني هذا الكلام؟ يعني أن هذه الحجة ضعيفة ومرفوضة في أساسها لأنها مبنية على  تفسير ذاتي و شخصي  وعديمة المعنى (معرفيا) للكون. فمن سخافتها مثلا لماذا نفترض أن الإنسان غاية الكون، لماذا لا يكون الصرصور هو غاية الكون؟ نفس الحجة الضعيفة الهزيلة يمكن استخدامها للقول بأن الكون قد خلق للصرصور وليس بضرورة للإنسان. إنها دائرة عبثية من اللغة الدينية..

3-  وبخصوص نظام الكون فإنه حتى ما يطلق عليه "نظام "الكون لا يعني بضرورة وجود مصمم، لأننا نستطيع تفسير كافة الظواهر الكونية تفسيراً طبيعياً دون الحاجة لأي خوارق لطبيعة ، سبب خلافنا مع المتدينين الأرثدوكس هو أننا لا نبحث في ماهية الموجودات ولكن في العلاقة بين الموجودات بعبارة أخرى الأشياء بالحال التي هي عليه لان هذه الطريقة التي انتهت بها وليس لأن "ماهيتها" تحتم عليها هذا. ونحن نعرف اليوم بالفوضى في فيزياء الكم  ( راجع المقالة السابقة:هنا ) التي تعارض ما يطلق عليه "نظام". ثم أعتقد أن علينا أن نأخذ تفنيد هيوم بجدية أكثر ، فهيوم لا يكتفي بإنكار وجود تصميم ولكنه شكك في أن يستطيع أحد أبداً أن يثبت وجود "نظام" فـ "النظام" فرضه البشر على فوضى الطبيعة، نحن فقط من نرى النظام حيث لا يوجد. لا يوجد أدلة  على وجود نظام أو على وجود غاية. وحسب هيوم فإننا حتى لو اتفقنا أن هناك نظام في الكون لا نستطيع القياس عليه لأن ليس لدينا تجربة. وحتى لو تم قبول القياس فإنه يسمح لنا بالاستنتاج بأن الخالق ليس كاملا ( كما توضح الأدلة الامبريقية ) ثم يتوجب علينا أيضا أن نستنتج الشر والمعاناة أما ترجع إلى كون الخالق عاجزاً أم شريراً خبيثاً أو كإله طفلا يخلق الكون عبر التخلص من قلاع الرملية على أحدى الشواطئ أو خالق يموت خلال عملية خلق العالم، هذا كله عبر القياس الفاسد، بطبع لا يمكن أن يكون الخالق كاملا لأن الكون نفسه ليس كامل. هكذا يفند هيوم الحجة الغائية.


4- بخصوص الصدفة والتغني بعدم إمكانية حدوث الصدفة، تخيل الآن أنك تعيش في منزل قرب شارع (نسميه أ) يوجد فيه تقاطعات وعدة إشارات مرور وأنت  تستخدم سيارتك لعبور الشارع  كل يوم ، وإحصائيا ( حسب إحصائيات المرور للشارع أ ) احتمال أن يحدث لك حادثا في الشهر هي 1: 1000 . في يوم من الأيام حدث لك حادثا أثناء استخدامك للشارع . الآن تخيل نفسك بعد الحادث تتساءل " هل هذه صدفة أم لا؟ " إنك تتساءل عن امكانية احتمال أنت موجود  فيه أي أنه فعلا حدث وهذه حماقة، فماذا لو بدأت بالحديث عن "غاية" لحدوث الحادث لك (افرض أنه تحطمت يدك مثلا ) هل يمكن اعتبارك أي شيء سوى أنك إنسان مجنون أو بدون لباقة : غبي وساذج ؟  نفس الشيء ينطبق على الكون. يتحدثون عن إستحالة احتمال حدوث الكون بصدفة، في حين نحن نعيش في هذه الصدفة، نحن نتاج هذه الصدفة، إذا كان يمكن أن نطلق عليها صدفة.


السلسلة مستمرة، التأخير كان مقصوداً، هذه الورقة كانت جاهزة كمسودة منذ منتصف يناير. ما زال هناك ما يمكن مناقشته من جانب الحجج أو من جانب "الأخلاق بدون خالق"، ستكون مناقشة عملية مرتبطة بالعقيدة التي نناقشها (الإسلام) و من يمثلها (المسلمين) وقد جمعت مادة جيدة في هذا الجانب (تعليقات المسلمين، تغريداتهم، اراءهم ، ...إلخ).



____________________

هناك تعليقان (2):

  1. مقال ممتاز وجميل, أظن هذه الحلقة من برنامج Through the wormhole تناقش نفس فكرتك في هذا المقال https://www.youtube.com/watch?v=PUwzVP0BIwU

    ردحذف
  2. انا استغرب من طريقه كلامك انك تقول لايوجد دليل على وجود اله وطريقه افتراضك للنظريات جدا غريبه انت نسيت انك تتكلم اللغه العربيه. نسيت ان القران الكريم عربي وان كل الاسئله اللي ببالك بتلقاها هناك. مشكلتك وحده من الاثنين ياانك تعاني من فوبيا العبوديه او انك تدعم من الماسون

    ردحذف